قصة من حياتي تقــــدير الـــــذات




تقـــدير الــــذات
(عندمـــا فقدت قدرتـــي علــــى النطق)




بقدر ما أحب حركات أصبعي وقفزاته السريعة على مربعات أحرف حاسوبي المحمول ، وبقدر ما حمله قلبي من ألم  وتقلبات في مرحلة سابقة من حياتي وجدت ذراعي تمتد لا شعوريا بحثا عن صفحات الوورد الخالية للكتابة. 



صباح الخير !! كتبت السطرين السابقين في ساعات قليلة سابقة الليلة الفائتة ، وكانت مشاعرتلك الأسطر تعمها الفوضى والبحث عن نفسي ، كتبت كلماتي تلك وأنا راغبة بقوة أن أشارك قرائي مشاعري وخبرتي ، ولكن  ظهر ذلك الصوت في عقلي مناديا توقفي عن الكتابة وانطلقي للصلاة وذكر رب العباد، وخلدت إلى النوم كطفل صغير ينتظر صباح اليوم التالي كي يبدا يوم جديد بقصة جديدة وروح جديدة .

بسم الله نبدأ حديثي ورسالتي إليك يا من تقرأ الآن اليوم هو الخميس الموافق 6/6/2019، من تحدثك الآن سيدة بعمر 38 من عمرها ذاقت في حياتها حلوها ومرها اعذرني لأنني قلبت موازين الجملة السابقة وذكرت الحلو قبل المر فرغبتي هي ان أنير طريقك وطريقي بأن الله موجود وفي داخل كل مرارة وحلاوة لا نتذوقها إلا بوعي اللحظة والتواصل الحقيقي مع انفسنا . أمم اعتذر الآن عن التكملة لأنني سأذهب للبحر أحتاج ساعة واحدة فقط من الانفراد مع نفسي كي أكمل أسطري الثقيلة .




اهلا من جديد الساعة الان 11:41 مساءا من يوم الجمعة  7/6/2019  اسفة لأنني تركتك يا حاسوبي لم استطع الكتابة ولكنني سأحاول الآن ، ما مررت به لم يكن هينا أبدا ولكنني تعلمت من نكباتي  تقدير ذاتي اكثر لذلك دعني أشرح لك ولهم ما هو تقدير الذات وبذات لكل من يعيش مرالأيام ومواقفها ، والتي تركت في داخلك شعورا مزعجا جعلك تختار أن تصنف نفسك بانك غير محظوظ ، غير سعيد ، أو تردد في قلبك لماذا كل هذا يا  رب ؟ ولا تعلم بان الله يرسل لك خلسة وبكل هدوء بينه وبينك حوارا خفيا فحواه قدر نفسك يا صغيري وتعلم من انت وتقبلها بكل حالاتها فهذه هي الدنيا دروس وعبر ، وهذه هي طريقتي في أن انير طريقك واجعلك تحمل في يدك شعلة اسمها تقدير الذات ، ففي كل قصة تعيشها هناك حياة حولك أظلمها متقصدا وفي مقابلها اضاءة خافتة أرسلها لك وأسلطها عليك أنت لا غيرك كي أجعلك تنتبه هل قدرت نفسي حق قدرها ، على فكرة  ان ما تعيشيه يا صغيري الإنسان هو موقف من مواقف عديدة يسيرها رب العباد حتى على نفسه ، إسأل نفسك ألا يوجد هناك من الناس حولي من يظلم رب العباد بحكمه وسلوكه ؟؟ أليس هناك من حولنا من يتعرض لرب العباد بظلم تقديره ألم يذكر رب العباد في كتابه الكريم 

بسم الله الرحمن الرحيم
 (وما قدروا الله حق قدره، والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون)صدق الله العظيم


ولكن الله تعالى كبير متعال عما يصفون ويقولون ،وهو من قدر نفسه حق قدره !! فما بالك أنت يا من خلقه وقدر وجوده لا تقدر ذاتك وتتعلم من هي تلك النفس التي وهبها الروح والفرصة لتكون في هذه الحياة .





تعريــف تقديـــر الــذات


هو الاعتراف بإنك انسان ومخلوق كسائر المخلوقات على الأرض ، أي انك خليط من الخير والشر ، الصح والخطأ ، الوجود والفناء ، الماضي والحاضر ، التنوع والاختلاف ، وكل ما وصفت ولن انتهي لو تشعبت ولكن لو امعنت التفكير بما ذكرت من صفات ستجد نقطة جوهرية واحدة وهي أنك لن تكون مثاليا أبدا وهذا سر تميزك عن غيرك وهذا ما يجعلك مختلفا عن غيرك وكل ما عليك هو التقبل واحترام ذاتك وتقديرها بكل ما فيها من مكونات أيا كانت كي تصل للتطوير والتنوير المطلوب نحو ما تريد أن تكون يا حبيبي يا مخلوقي الصغير .

وهذا لا يعني بأنني أطلب منك أن تكون واثقا من نفسك ، فالثقة مختلفة عن تقدير الذات ، فالتقدير هو القبول والاحترام لكل ما فيك ، أنما الثقة هي المحاولة المستمرة نحو التقدم لتكون أفضل بكل ما فيك ،أي بمعنى آخر أن تقدير الذات هو متعلق باللحظة وان كانت ما أتعسها من لحظة ، بينما الثقة هي إيمانك بتقديرك الحالي لما بعد اللحظة ومدى اهتمامك للوصول إليه  ومدى اصرارك على تحقيقه دعني أعطيك مثالا حي: 


قصة 

لعبة الويجا



هل تعلم بأن  كاتبة المقالة هذه ليست لديها القدرة على شرح ما كتبته لك شفهيا ،هل تعلم بانك  لو سألتها عن تقدير الذات والثقة وطلبت منه الإجابة شفهيا فلن تستطيع شرحها بلسانها، نعم هذه أنا وكنت في حياتي السابقة و لازلت أخجل من عدم قدرتي على شرح ما أكتب شفهيا ، ولكني مع الوقت استوعبت واحترمت خجل لساني من عبأ التعبير،وكل ما فعلته هو أنني انعزلت في مقابلة خاصة سرية مع لساني وسالته بكل حنان :

- لما لا تنطق وقد خلقت لتنطق لما تآثر الصمت وتترك الرد لأخواتك العين والأذنين لترد على من حولها ؟ 

- رد علي لساني وقال لي : لا أريد أن أذكرك بما مضى وقد تجاهلتيه!


- فقلت له : عن أي ماض تتحدث وأنا اعلم يقينا في داخلي عن أي ماض يتحدث لأن مشاعري استحضرت ذكريات كثيرة مؤلمة موجعة  لدرجة أن آلة النطق عندي (لساني) قد تحجرت بمجرد أن استشعر حضورها ، وكأنه يعيش جلسة استحضار أرواح ماتت في لعبة الأرواح (ويجا). و بدأت لا شعوريا أرفع يدي نحو وجهي أمسح دموعي بسبابتي بكل رفق أطمئن أخت لساني  عيني وأمسح عنها دموع أرق الحزن على لساني ، هنا نطق لساني بصوت غير صوتي وتحدثت الروح الميتة في داخلي 



-وقالت : أنا من حركت أصبعك يا هيفاء وأنا شللت لسانك ، فقد تعبت سجن الماضي الدفين من الافكار التي جعلتك وجعلتني نعيش واقعا غير واقعنا ، أنا مت ولكني لازلت حية في أصابعك .





-رددت عليها : باستغراب وأنا أنظر لكفي وقطرات الدموع تتزلج كالطفل بكل نعومة عليها لتتجمع في وسطها ، لماذا أصابعي أنا أريد لساني فهو خير من يوصل رسالتي لهم وأفضلها ، اسرعها ، افهمها ، وأبسطها ، وأنا أمسح ما ابتل من وجهي بكفي الأخرى.




 
فجأة ظهرت تلك الروح أمامي وتهيات بسم الله الرحمن الرحيم بصورتي وانا صغيرة وراحت تكبر امامي عشر سنوات فعشرين سنة حتى وصلت الثلاثين وفي كل صورة كانت هناك مواقف قد مررت بها ، وعندما رايتها أمامي مرة أخرى ألتوى لساني لا شعوريا وتوقفت انا الواقعية عن الكلام ، والروح تقص علي قصصي بتفاصيلها وتنظر في عيني مباشرة محاولة إجباري على الدخول معها في شرح تلك القصص بطريقة أخرى مخالف ماحدث بالفعل !! ولكني لم استطع كل ما فعلته هو أذكر أن أحد القصص كانت وأنا بعمر (9) سنوات مرحلة الابتدائية في مدرسة رابعة العدوية الابتدائية في منطقة جابر العلي ، وقد كنت جالسة في غرفة الموسيقى أتدرب مع قريناتي من الصف على عزف معزوفة اسبانية جميلة مشهورة لا أذكر منها إلا بدايتها (فا دو فا دو فا فا فا فا دو) لأتوقف هنا عن العزف وتنتقل الصورة إلى نهاية الحفلة الوخيمة التي عزفت فيها لوحدي خارج المسرح بعيدا عن البنات وفي الساحة الخلفية للمدرسة والدموع على وجنتي ، وأنا أتساءل لما لا تتحرك كفي بمهارة بين الاخريات وكل ما اعزفه معهن خطأ خطأ ، لما أتحمل كل تلك الكلمات واللوم من لسان مدرستي وأنا أعلم يقينا وجيدا بأنني أعرف اللعب بالأوكرديون مثل شكوكو في أفلام الأبيض والأسود ؟ لتنطوي صورة البكاء على موت موهبة عزف الموسيقى وتظهر صورة أخرى بخلفية صوتية خرمت أذني بحدتها ، لقد كانت صفعة تلقيتها من والدتي عندما عدت من أول حفلاتي الموسيقية ، وأنا أجري سعيدة لها وأقول لها بأنني تفوقت يا يما في العزف ، ولكنها بدالتني برد لما أتوقعه بهذه الحدة !! ومنذ تلك اللحظة ومع تصرف أمي الخائفة علي لأنني تغيبت عن المنزل دون علمها لأنني نسيت أن أخبرها بأن اليوم هناك حفلة خارج المدرسة ، ولا اذكر أن كان فقط لأنني نسيت ، او خوفا  بأن لا تسمح لي أن أمارس حبي للموسيقى لعلمي التام على تقليدية عقلية أمي وخوفها علينا فالدراسة هي السبب الأول والأخير لكي تكون بالمدرسة ، وكون ان تحصيلي العلمي لم يكن ممتاز فالموهبة هي مجرد تضيع وقت في فكرها ، ومع كل كلمة نطقتها وهي تأمرني بالسكوت و إلا هناك المزيد من الصفعات ، كانت هذه أحدى اللحظات التي تركت مشاعرها خلسة تحت لساني لتسحب خيوطه كلما اراد التحدث والتعبير عني .








انتهى المشهد وعدت إلى الواقع والروح تقف أمامي ، بوجهها بظلها الأزرق الميت 



- وتقول لي : هل هذا فقط ما ذكرتيه؟

- رددت عليها : نعم ، واعلم ان هناك المزيد ولكن لا استطيع أن أبوح 

- نظرت إلي بكل شفقة قالت لي : لا أريد المزيد فانا أعلم المزيد جيدا ولا يهمني أن نعود إلى ما هو أبعد من عمر (9) سنوات الان دعينا نركز على ما حضر ذهنك الان لان سؤالك كان واضح لما تتحدث الايادي ويتوقف اللسان عن حضور مشاعري وأفكاري ؟؟! وأنا كل ما فعلته هو ايقاظك من الداخل مع اني ميتة وكزتك بأصابع الألم كي تستحضري موقفا واحد قطع أوتار قيثارتك المتحدثة ، وسلم الأمر ليديك لتتحدث ، عزيزتي هيفاء الخلاصة من القصة القصيرة التي كتبيتها  لتوصلي فكرة تقدير الذات : هي أن تقديرك لذاتك أحدى صور تعبيره عن نفسه هو الكتابة ، فقد آثر استخدام كفيك وأصابعك التي رمت الاكورديون خلفها بعد صفعة على الوجهة ليساعد لسانك الصامت على تقبل صمته وواقعه والمضي قدما نحو ترجمة كلماتك لأسطر تكتب ويحفظها التاريخ لتوثق تاريخك ، وهذا نوع من تقدير الذات .





الخلاصة


عزيزي القارئ لا خجل في أن تكون قد مررت بصفعات وقرصات عديدة في حياتك فكلنا قد مررنا بصفعة وركلة وقرصة تخصه هو قد جرحت شيئا فيه ولكنه لم يمت، وما دمت حيا ترزق فقط كل ما تحتاج هو مداواة نفسك وتقدير ماعنيته حق تقدير والوقوف مرة أخرى على قدميك والسير بطيئا نحو الأفضل فهذا هو تقدير الحياة والذات ، وبما أننا ذكرنا تقدير الذات دعني أقول لك بان تقدير الذات يتكون من عاملين مهمين وهما :
-         احترام النفس : احترامك لصورتك أمام نفسك ، أنظر للمرآة وأنت تتالم واسلها هل تحترمين نفسك وأنتي بهذه الحالة ؟ وحتما سترد عليك بكل سهولة وبسرعة لن تتصورها حتى تجربها ، إن احترامك لذاتك هو الطريق نحو سيادة احترامك بين البشر وهو ما سيفتح أمامك أبوابا كثيرا اعتقدت بانها موصدة بالكامل .
-         مهارة النفس : أي ما تمتلكه نفسك من مهارات وانت بخضم ما تمر به من ألم ، ركز بما لديها من قيم مميزة واستخدمها للانطلاق من جديد لتجديد ما اعتقدت بانك خسرته من قيمك وأهدافك في الحياة والسعادة ، ذكرت لك في قصتي السابقة عن استخدام مهارة كفي للتعبير عن ذاتي وتقديري لها ، فما هي مهاراتك التي تمتلكها ؟!
وفي النهاية تذكر مقولة سيدنا/علي  ابن أبي طالب- رضي الله عنه وأرضاه :
وتحسب أنك جرم صغير
وفيك انطوى العالم الأكبر
دوائك منك ولا تبصر
دواؤك فيك ولا تشعر


تحياتي

هيفاء الفزيع




































Comments

  1. قصة جميلة وفي وقتها شكرا

    ReplyDelete
  2. سبحان الله كلام يلامس القلب بجدارة
    وكأن أرواحنا متشابهة حقآ
    شكرآ من القلب الى القلب لجمال أناملك السحرية

    ReplyDelete

Post a Comment